نظرة
عامة
للإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ
الجزء الأول
إعداد
د. القس
سامي منير اسكندر
«الكتاب المقدس» تسمية أطلقها أباء
الكنيسة على مجموعة من الكتابات الدينية المتعلقة بنشأة الديانة الإِسْرَائِيلَية
القديمة (الموسوية) واليهودية والمسيحية؛ وهذه الكتابات موزعة على عدد من الكُتُب،
نسمّيها «أسفارًا». هو إذن مجموعة من الأسفار اكتسبت صفة «المقدس» لدى اليهود
والمسيحيين، وأحيانًا بقرارت مجمعية صادرة عَنْ أباء الكنيسة، لذلك تُدعى أحيانًا
«الأسفار القانونية». ولصفة «المقدس» عدة دلالات. هي تعني
أن هذا الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ يبحث في أمور «المقدّس»، مقارنة مع «الدنيوي».
هذا الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ يُعنى أو يهتم بالقصد
أو الفكر الإلهي فقط؛ هو «إعلان من الله يشهد للرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ فقط»، ولهذه العبارة مفاهيم مختلفة، هو «إعلان
من الله»، وموضوع الإعلان مفاهيم مختلفة؛ حيث أن الإعلان
الإلهي يشمل:
1) إعلان داخلي: أي أَكْتُبُهَا (الله) عَلَى قُلُوبِهِمْ
«33بَلْ هذَا هُوَ
الْعَهْدُ الَّذِي أَقْطَعُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ،
يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ،
وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا»(سِفْرُ إِرْمِيَا31: 33).
«10لأَنَّ هذَا هُوَ
الْعَهْدُ الَّذِي أَعْهَدُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ،
يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي أَذْهَانِهِمْ، وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ،
وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ8: 10).
2) إعلان
طبيعي:
«1اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ،
وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ
بِعَمَلِ يَدَيْهِ. 2يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ كَلاَمًا، وَلَيْلٌ
إِلَى لَيْل يُبْدِي عِلْمًا»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور19: 1)،
3) إعلان
مكتوب:
نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ (العهد القديم)،
والإِنْجِيل، أو إعلان الله في الإِنْجِيل (العهد الجديد).
4) الإعلان
المتجسد: الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
هو كتاب مرجعي ومعياري ومقياس، حيث يتضمن المبادئ المتعلقة بالحياة
والعبادة والممارسات والسلوك، ويُركَن إليه للبت بهذه الأمور.
وفي الوقت نفسه، الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ من أقدم الكُتب؛ ويُعتبَر من التراث العالمي،
يقرأُه ليس المسيحيون واليهود فحسب، بل المتخصصون بالتاريخ، وتاريخ الديانات
والحضارات والعلوم، والفلاسفة، والأخصيائيون في علم الاجتماع، وخاصة الديني، وعلم
النفس. هؤلاء يقصدون قراءته طلبًا للمعرفة العلمية كون الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ منجم في هذه الحقول
المعرفية.
هذه الكتابات «المقدسة»، التي أعطتها أباء
الكنيسة (في اليهودية والمسيحية) صفة «المقدس» و«القانونية» على
أنها كتابات مرجعية ومعيارية لكل ما يتعلق بالإيمان (العقيدة) والسلوك، كونها
كتابات إعلانية بها وهي «كلام الله»، هي، بالنسبة للمؤرخ والفيلسوف وعالم الاجتماع
والأخصّائي في علم النفس والسلوكيات، كتاب ديني قديم، يجوز إخضاعه للفحص والنقد
والتحليل، كغيره من الكتب، بغية الحصول على معلومات علمية صحيحة. من هنا تأتي
أهمية تحديد الخلفية التي يدرك بها الدارس الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ لأنّ لهذا تأثيره على الفهم والتفهم (الترجمة
للحياة أو السلوك).
ينقسم الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ إلى قسمين:
نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ (العهد القديم)،
والإِنْجِيلُ (العهد الجديد).
اللغة الأصلية لنَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِير هي العبرية باستثناء
مقاطع قصيرة، في بعض الأسفار، كُتبت بالآرامية. واللغة الأصلية للإِنْجِيلُ هي اليُونَانَية
القديمة، المسماة «القينية». نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِير بمعظمه واحد في كل
الكنائس المسيحية، لكن توجد اختلافات بسيطة بين الكنائس لجهة عدد أسفار نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِير وترتيبها.
تُرجم الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ إلى آلاف اللغات، لكن الترجمات الأهم هي
القديمة لأنها اكتسب صفة المرجعية على غرار النصوص باللغات الأصلية. هذه الترجمات
هي:
ترجمة الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ العبري إلى اليُونَانَية
القينية، والتي تُسمى «السبعينية»، وهي من القرن الثالث
أو الثاني ق.م. تقريبًا؛
وترجمة الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ العبري إلى الآرامية، وتُسمى «الترجوم»، وبقيت هذه الترجمة
شفوية لقرون ثم، في القرن الرابع، وُضعت كتابة؛
وترجمة الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ المسيحي إلى السريانية، وتُدعى «البشيطو» أو «البشيطا»، وتعود في القرن
الرابع؛
وترجمة الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ المسيحي إلى اللاتينية القديمة، وتُدعى «الفولغاتا»، وتعود إلى القرن
الرابع.
الترجمة السبعينية تضم، إلى القانون
العبري، عددًا من الكتب اليُونَانَية؛ وقد رُتِّبت فيها الأسفار بتوزيع يختلف عَنْ
التقسيم في القانون العبري،
فبينما يتحوي القانون العبري على ثلاثة أقسام:
التوراة والأَنْبِيَاءِ والمكتوبات.
تحتوي السبعينية على أربعة أقسام:
التوراة والأسفار التاريخية والأسفار الحِكمية والأَنْبِيَاءِ.
أما عدد أسفار الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ وترتيبها، فالإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ العبري يحتوي على 22 سفرًا (وبحسب تقسيم آخر 24
سفرًا) موزعة على ثلاثة أقسام رئيسة: التوراة، والأَنْبِيَاءِ، والمكتوبات.
المحتوى نفسه موجود في نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِير البروتستانتي لكن في
39 سفرًا موزعة على أربعة أجزاء:
التوراة، والأسفار التاريخية، والأسفار الحِكَمية أو الشعرية، والأَنْبِيَاءِ، وقد استوحي هذا
التقسيم من السبعينية.
تحتوي نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِير لدي الكنائس التقليدية
على القانون العبري لكن بالتقسيم المتّبع في السبعينة وإضافة سبعة أسفار أخرى تُدعى الأسفار اليُونَانَية، أو أسفار القانونية الثانية، أو أسفار الأبوكريفا.
وهكذا يصبح نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِير الكاثوليكي مؤلفًا من
46 سفرًا. أما الكنائس الأرثوذكسية فهي تعتمد لوائح مختلفة. معظم الكنائس
الأرثوذكسية الخلقيدونية، والْكَنِيسَة الأرمنية الأرثوذكسية، تعتمد الترجمة
اليُونَانَية المسمّاة «السبعينية» كنَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِير في كتابها المقدس. والْكَنِيسَة
السريانية تعتمد الترجمة السريانية المسماة «البشيطو» أو «البشيطا». والْكَنِيسَة
الرومية الكاثوليكية تعتمد ترجمة الفولجاتا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق