ابْنُ اللَّهِ
الجزء الأول
إعداد
د. القس/ سامي منير اسكندر
المعاني في نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ:
بينما يبدو أمام الذهن البشرى العادي، أن
لقب ابن الإِنسان يشير إلى الجانب البشرى فى الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ، فإن لقب ابْنُ اللَّهِ يبدو أنه يشير إلى الجانب الإِلهي. ولكن ليس من
السهل قبول هذا على علاته، إذ يكفي إلقاء نظرة سريعة على الحقائق، لينجلي الأمر
حتى أمام القارىء العادي، فالإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ يطلق هذا اللقب على إشخاص مختلفين، ولأسباب مختلفة:
1) يطلق اللقب على الملائكة:
جاء بَنُو اللهِ ليمثلوا أمام الرب «6وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ
لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضَاً فِي وَسَطِهِمْ»(سِفْرُ أَيُّوبَ1: 6)، «1وَكَانَ
ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ
وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضاً فِي وَسَطِهِمْ لِيَمْثُلَ أَمَامَ الرَّبِّ»(سِفْرُ أَيُّوبَ2: 1). ويمكن تسميتهم هكذا لأنهم خلائق من صنع يدى الله، أو
لأنهم كائنات روحية قريبة الشبه بالله الذى هو روح.
2) يطلق على إِسْرَائِيلُ:
«22فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ:
إِسْرَائِيلُ (ككنيسة أو شعب) ابْنِي الْبِكْرُ.
23فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي
لِيَعْبُدَنِي فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ4: 22)، والسبب هو أن إِسْرَائِيلُ كان موضع اختيار الله الكريم
ورعايته الخاصة.
3) يطلق على ملوك إِسْرَائِيلُ كممثلين للأمة
المختارة،
فيقول الرب عن سليمان: «14أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ
لِيَ ابْناً. إِنْ
تَعَوَّجَ أُؤَدِّبْهُ بِقَضِيبِ النَّاسِ وَبِضَرَبَاتِ بَنِي آدَمَ»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ
الثَّانِي7: 14)، كما كان يطلق على الملك مسيح
الرب «6فَقَالَ لِرِجَالِهِ:
«حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هَذَا الأَمْرَ بِسَيِّدِي بِمَسِيحِ الرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي
إِلَيْهِ لأَنَّهُ مَسِيحُ الرَّبِّ هُوَ»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ
الأَوَّلُ24: 6).
4) كما يطلق اللقب في الإِنْجِيل على جميع
القديسين
بما أنكم أبناء «6ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ
ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً: «يَا أَبَا الآبُ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ4: 6)، «12وَأَمَّا
كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً
أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا1: 12).
وإذا كان مجال أطلاق هذا اللقب بهذا
الاتساع، فواضح أن ألوهية الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لا يمكن أن تثبت من مجرد
أطلاق هذا اللقب عليه.
ومن الطبيعى أن أطلاق اللقب على الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ جاء عن أحد استعمالاته في نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ، والذى يكاد يجمع عليه العلماء هو أنه جاء
عن الاستعمال الثالث المذكور بعاليه.
وهناك تلك العبارة التي تستلفت النظر في
حادثة القاء الفتية الثلاثة في أتون النار: «25أَجَابَ وَقَالَ: «هَا أَنَا نَاظِرٌ أَرْبَعَةَ رِجَال
مَحْلُولِينَ يَتَمَشَّوْنَ فِي وَسَطِ النَّارِ وَمَا بِهِمْ ضَرَرٌ، وَمَنْظَرُ
الرَّابعِ شَبِيهٌ بِابْنِ الآلِهَةِ»(سِفْرُ دَانِيآل3: 25)، ثم
يقول بعد ذلك: تبارك إله..الذى أرسل ملاكه وأنقذ عبيده «28فَأَجَابَ نَبُوخَذْنَصَّرُ وَقَالَ: «تَبَارَكَ
إِلهُ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ، الَّذِي أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَأَنْقَذَ
عَبِيدَهُ الَّذِينَ اتَّكَلُوا عَلَيْهِ وَغَيَّرُوا كَلِمَةَ الْمَلِكِ
وَأَسْلَمُوا أَجْسَادَهُمْ لِكَيْلاَ يَعْبُدُوا أَوْ يَسْجُدُوا لإِلهٍ غَيْرِ
إِلهِهِمْ»(سِفْرُ
دَانِيآل3: 28).
ويرى العلماء أن المقصود بذلك هو ملاك العهد
الصورة التي تدل على ظهورات المسيح في نَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ.
كما نجد هذه العبارات الموحية: «4مَن صَعِدَ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ؟ مَن جَمَعَ
الرِّيحَ في حُفْنَتَيْهِ؟ مَن صَرَّ الْمِيَاهَ في ثَوْبٍ؟ مَن ثَبَّتَ جَمِيعَ
أَطْرَافِ الأَرْضِ؟ مَا اسْمُهُ وَمَا اسْمُ ابْنِهِ إِنْ عَرَفْتَ؟»(سِفْرُ الأَمْثَالُ30: 4).
ولا يذهب نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ إلى أبعد من صياغة العبارة وتمهيد الطريق
لاستخدامها في الإِنْجِيل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق